في مقال اليوم سنوضح خبر هل فعلًا الأسبارتام مسبب للسرطان، وخطير جدًا كما تخبرنا أغلب الصحف؟ حتى أن بعض صناع المحتوى الرياضي حذروا من الأسبارتام فهل الأسبارتام فعلًا مسرطن!!؟ تابع معي لتعرف الحقيقة الكاملة.
ما هو الأسبارتام؟
الأسبارتام هو من أحد المُحليات الصناعية الأكثر شيوعاً ويُستخدم بديلًا للسكر الصناعي في المشروبات الغازية، المشروبات الساخنة، والأطعمة المعلبة، والمنتجات الأخرى. يعتبر الأسبارتام من أبرز المحليات الإصطناعية المستخدمة في العالم.
الأسبرتام طعمه حلو جدًا، وأحلى من طعم السكر بقرابة ال200 مرة! لذلك يتم إستخدامه بكمية بسيطة بشكل شائع في المنتجات الخالية من السكر كالمشروبات الغازية والقهوة ومشروبات الطاقة، وكذلك في الأطعمة ذات السعرات الحرارية المنخفضة لأنه يعطي الطعم الحلو بدون إضافة سعرات حرارية عالية.
إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA) حددت الحد اليومي الأقصى المسموح من الأسبارتام بكمية مقدارها 40 مليغراما لكل كيلوغرام من وزن الشخص.
مثال: شخص وزنه 100 كيلو جرام، فيستطيع تناول 4000 مليغرام في اليوم. المشروبات الدايت تحتوي على قرابة ال150-200 ملغ من الأسبارتام، وهذا يعني أنه يحتاج إلى تناول أكثر من 20 علبة من مشروبات الدايت باليوم ليسبب الأسبرتام خطر عليه ومن شبه المستحيل شرب هذه الكمية في اليوم!
هل الأسبارتام يسبب السرطان؟
تم إتهام الأسبارتام بأن له دورًا في الإصابة بأورام الدماغ، بناءً على دراسة نُشرت عام 1996. كما قال البعض أيضًا أنه يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بسرطان الدم، بناءً على تجربة أجريت على الفئران عام 2005. هذا أدى إلى المزيد من الدراسات من قبل المؤسسات الوطنية للصحة في الولايات المتحدة على الأسبارتام للتأكد من الأمر.
ومع ذلك فقد وجدت النتائج إلى عدم وجود أدلة علمية تدعم هذه الإشاعات. ذلك عبر مراجعة الدراسات والمعطيات التي أجريت خلال العقود الماضية (المصدر). أما بالنسبة للدراسة التي إتهمت الأسبارتام بزيادة مخاطر سرطان الدماغ، فقد عانت من مشاكل في التصميم ولم تكن دقيقة. حيث تم ربط مؤشرين في بيئة معينة بشكل خاطئ، مما أدى إلى أن تكون نتائج الدراسة غير دقيقة، وبشكل عام الإرتباط لا يعني السببي، أي إذا أمر معين مرتبط أنه قد يسبب أمر آخر فهذا لا يعني أنه بالتأكيد يسببه.
ونسبةً لسرطان الدم فقد أجرت المؤسسة الوطنية للسرطان في الولايات المتحدة عام 2006 دراسة شملت نصف مليون شخص لمعرفة هل يوجد علاقة بين الأسبارتام والسرطان في الدم أم لا. والنتائج لم تظهر أية علاقة بين إستهلاك الأسبارتام لدى البشر وسرطانات الدم.
ولكن وجب التنويه أن الأسبارتام لا يناسب بتاتًا المرضى المصابين بمرض الفينيل كيتونوريا. وهو داء جيني يؤدي إلى عدم قدرة الجسم على أيض (إستقلاب) الحمض الأميني فينيل ألانين، مما يؤدي إلى تراكمه في الجسم وقد يسبب حدوث مضاعفات كالتخلف العقلي، أو حصول أضرار في الدماغ، ولذلك فإن المصابين بهذا المرض يجب تجنب الأسبارتام أو أي مشروب أو غذاء محلى به (المصدر).
الأسبارتام قد يسبب السرطان!
هذا ما توصلت له منظمة الصحة العالمية، ولكن لا تقلق سأشرح لك ماذا أقصد. بعد أن قامت منظمة الصحة العالمية بمراجعة الكثير من الدراسات، حيث وصلت إلى أكثر من 1300 دراسة عن علاقة الأسبارتام بالسرطان لم ترى خطر واضح من المادة على الصحة.
حتى الدراسات التي تبين بها خطورة من الأسبارتام كانت دراسات ضعيفة جدًا، وكذلك ببعض التجارب قاموا بتجربة كميات مهولة من الأسبارتام على الفئران، مما يجعل نتائج هذه الدراسات غير دقيقة بتاتًا.
نسبةً لتصنيف المواد المسرطنة على حسب الوكالة الدولية لأبحاث السرطان(IARC) فيوجد 3 تصنيفات:
المجموعة الأولى: المواد المسرطنة
تصنف عبارة مسرطنة للإنسان (Carcinogenic to humans). المواد التي تم تحديدها على أنها لها خطر مؤكد على الإنسان في تسببها في حدوث أورام سرطانية أو في زيادة خطر الإصابة بالسرطان.
هذه التصنيفات تأتي عادةً من هيئات تقييم السرطان المعترف بها دوليًا، مثل وكالة البحوث السرطانية التابعة لمنظمة الصحة العالمية. وتقوم هذه الهيئات بتقييم الأدلة العلمية المتاحة من الدراسات المختلفة لتحديد إذا كانت المادة مسرطنة للإنسان أو لا.
يتم استناد هذا التصنيف إلى الأدلة المتاحة والدراسات العلمية المتعلقة بتأثير المادة على الصحة البشرية. وبالتالي إذا يوجد أدلة قوية ومقنعة تشير إلى إرتباط المادة بزيادة خطر الإصابة بالسرطان في البشر، فإنها يمكن تصنيفها على أنها “مسرطنة للإنسان”.
تصنيف المواد كمسرطنة للإنسان يُعتبر تحذيرًا للجمهور والجهات المعنية بالصحة لإتخاذ الإحتياطات اللازمة في التعامل مع هذه المواد أو تقليل تناولها، والتعرض إليها. أمثلة للمواد المسرطنة: التدخين، الكحول، اللحوم المصنعة والمعالجة، الأطعمة المقلية وتناولها بكميات كبيرة بشكل دوري. وغيرها من الأمور.
المجموعة الثانية A: مواد من المرجح أن تسبب السرطان
المجموعة الثانية تُقسم إلى قسمين، والقسم الأول هو مواد من المرجح أن تسبب السرطان، وتُسمى 2A
(Probably carcinogenic to humans).
هي المواد التي تم تحديدها بأنها مرجحة لتسبب السرطان في البشر، ولكن الأدلة المتاحة لا تكون كافية بما فيه الكفاية للتأكيد بشكل نهائي على أنها مسرطنة.
تصنف الوكالة الدولية لبحوث السرطان مواد “من المرجح أن تكون مسرطنة” إستنادًا إلى الأدلة المتاحة من الدراسات العلمية، بما في ذلك الدراسات على الحيوانات والبشر. وعلى رغم من هذا الأمر، لا يتوفر دليل كافٍ للتأكيد بشكل قاطع على أن هذه المواد تسبب السرطان في البشر.
قد تكون هناك عوامل أخرى تؤثر على خطر الإصابة بالسرطان، مثل التعرض المهني المكثف للمواد أو التعرض لجرعات عالية لفترات طويلة وغيرها.
تتنوع المواد التي تم تصنيفها على أنها “من المرجح أن تسبب السرطان” وتشمل مجموعة واسعة من المواد الكيميائية والمركبات، مثل المذيبات العضوية، اللحوم الحمراء، وبعض المبيدات الزراعية، وبعض الملونات الغذائية، وغيرها.
المجموعة الثانية ب: مواد قد تسبب السرطان
القسم الثاني من المجموعة الثانية يُسمى 2B، وهي المواد التي قد تسبب السرطان (Possibly carcinogenic to humans). وهذه المواد هي التي توجد أدلة محدودة على إحتمالية تسببها لبعض أنواع السرطان في البشر، ولكن هذه الأدلة غير كافية، وضعيفة جدًا أن هذه المواد مسرطنة محتملة وقد تسبب السرطان.
أمثلة على هذه المواد: البنزين، حمض الكافيين الموجود في القهوة والشاي، الأسبارتام وغيرها. مهم التنويه هذه المواد ليست خطيرة ولكنها تندرج تحت هذه الفئة( وهي مواد قد تسبب السرطان)، ومثلما ذكرت بالنسبة للأسبارتام ما زالت الكمية الآمنة والتي لا تشكل خطر من الاسبارتام هي 40 ملغ لكل كيلو من وزن الجسم، وهذه الكمية عالية جدًا جدًا من الصعب أن تصل لها يوميًا. فلذلك هي آمنة فلا تقلق من تهويل وتخويف الأعلام.
المجموعة الثالثة: مواد لم يتم تصنيفها كمسببات للسرطان
المواد غير المسرطنة (Not classifiable as to carcinogenicity) هي المواد التي لم يتم تحديد أنها تسبب السرطان للإنسان والحيوانات عن طريق الأبحاث والتجارب العلمية المتاحة حتى الآن. يعني ذلك أنه لم يتم التوصل إلى أي تأثير سرطاني لهذه المواد، ولكن في بعض الحالات من الممكن أن يكون هناك أدلة محدودة أو غير واضحة، أو أنها لم تكن أبحاث كافية بعد لتحديد تأثيرها بشكل نهائي.
أمثلة على هذه المواد: زيت جوز الهند، الملح، الفلفل الأسود، وغيرها الكثير.
مهم التنويه أن هذه التصنيفات قابلة للتحديث بناءً على الأبحاث الجديدة والمعلومات المتاحة. لذلك، من الممكن أن تتغير التصنيفات مع تطور العلم وظهور نتائج جديدة.
الفرق بين التصنيف والخطورة
الآن قد يطرأ ببالك سؤال، وهو هل المواد الموجودة بنفس التصنيف معناها لها نفس الخطورة؟ والجواب بكل بساطة لا. هذا التصنيف هو فقط تصنيف من ناحية إذا المادة مسرطنة أم لا، وليس من ناحية خطورة المادة. فالتدخين بالتأكيد مضر أكثر من اللحوم المعالجة على الرغم من أنهما في نفس التصنيف. هذه النقطة وجب التنويه عنها لكي لا تسيء الفهم.
إقرأ أيضًا: أقوى 8 طرق لكسر ثبات الوزن ومن أول أسبوع
الخلاصة:
- تحدثنا في مقال اليوم عن الأسبارتام وهو عبارة عن محلي صناعي بديل للسكر، ويتم إستعماله بكميات بسيطة في الأكلات قليلة السعرات والمشروبات الخالية من السعرات الحرارية.
- تحدثنا أن الأسبرتام آمن عند تناول الكمية الكافية منه يوميًا وهي حوالي 40 ملغ لكل كيلو من وزن جسمك، وهذه الكمية عالية جدًا ومن الصعب أن يتناولها شخص بيوم واحد. كتذكير المشروبات الغازية تحتوي على قرابة 180 ملغ من الأسبرتام.
- يوجد 3 تصنيفات رئيسية للمواد وهي المواد المسرطنة، ومواد من المرجح أن تكون مسرطنة، ومواد قد تكون مسرطنة، ومواد غير مسرطنة. والأسبرتام يندرج تحت المواد التي قد تكون مسرطنة، وهذا يعني أنك تستطيع تناول الأسبارتام بدون خوف أو قلق ما دام بالنطاق السليم( 40 ملغ لكل كيلو من وزنك كحد أقصى).