أهمية التغذية حول وقت التمرين
يعتبر توقيت ونوعية الطعام الذي تتناوله حول فترة التدريب من العوامل الحاسمة التي تحدد مدى استفادتك من المجهود البدني الذي تبذله في الصالة الرياضية. سواء كان هدفك هو بناء العضلات أو خسارة الدهون، فإن ما تأكله قبل وبعد التمرين يلعب دوراً محورياً في تحسين الأداء، توفير الطاقة اللازمة، وضمان الاستشفاء العضلي السليم.
في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل المكونات المثالية لوجبات ما قبل وما بعد التمرين بناءً على توقيت تدريبك خلال اليوم، بالإضافة إلى تصحيح أشهر الأخطاء الشائعة، والفرق في التغذية بين مرحلتي التضخيم والتنشيف.
وجبة ما قبل التمرين
لماذا تعتبر وجبة ما قبل التمرين ضرورية؟
لا تقتصر أهمية هذه الوجبة على مجرد “الأكل”، بل تتعداها لعدة وظائف فسيولوجية. فهي تساعد بشكل مباشر في تحسين الأداء الرياضي، وتزويد الجسم بالطاقة اللازمة لرفع الأوزان، كما تمنح شعوراً بالشبع. تناول وجبة متكاملة يضمن عدم الشعور بالتعب السريع الناتج عن الجوع ونقص مخازن الطاقة. في المقابل، الاختيار الخاطئ لهذه الوجبة قد يؤدي إما إلى جوع شديد ينهك قواك، أو ثقل وآلام في المعدة تعيقك عن التمرين.
ماذا تأكل حسب وقت التمرين؟
لا توجد قاعدة واحدة للجميع، بل يعتمد الأمر على “متى” تتمرن:
- التمرين الصباحي (فور الاستيقاظ): إذا كان وقت التمرين بعد الاستيقاظ بـ 30 إلى 60 دقيقة، فأنت بحاجة إلى مصادر سريعة الهضم والامتصاص. الخيار الأمثل هنا هو دمج مصدر بروتين سريع مع مصدر كربوهيدرات سريع.
- أمثلة: حبة فاكهة مع مكيال (سكوب) بروتين، أو حبة فاكهة مع زبادي يوناني. الهدف هو أن يكون المصدر خفيفاً على المعدة.
- الكافيين: يُنصح بإضافة مصدر للكافيين (مثل القهوة أو مكملات الطاقة) قبل التمرين بنصف ساعة لزيادة التركيز والأداء. (ملاحظة: البعض قد يفضل القهوة بالحليب لتفادي ألم المعدة صباحاً ).
- التمرين في منتصف اليوم: في هذه الحالة، يوجد متسع من الوقت للهضم. يُنصح بتناول وجبة كاملة قبل التمرين بساعة ونصف إلى ساعتين. يجب أن تحتوي الوجبة على كربوهيدرات معقدة، بروتين، وكمية دهون قليلة إلى متوسطة.
- أمثلة: بيض وخبز أسمر، أرز ودجاج مع مكسرات، أو لحم وأرز.
- نصيحة إضافية: يمكن تناول حبة فاكهة قبل التمرين بـ 20-30 دقيقة لتعزيز الطاقة.
- التمرين المسائي: إذا كان التمرين في ساعات العصر أو الليل، يجب الحذر من مصادر الكافيين. القاعدة الذهبية هي أن يكون آخر مصدر للكافيين قبل موعد النوم بـ 8 ساعات على الأقل لضمان جودة النوم.
- التمرين بدون إفطار: للأشخاص الذين لا يستطيعون الأكل صباحاً، يُنصح بتناول مصدر كافيين (قهوة) ومصدر كربوهيدرات سريع أثناء التمرين (مثل عصير طبيعي أو سكاكر) لتجنب الجوع والهبوط.
وجبة ما بعد التمرين
أهمية التغذية بعد الجهد البدني
تعمل وجبة ما بعد التمرين على تعويض المغذيات التي تم استهلاكها، وتساعد في الشعور بالشبع، وتعيد مستويات الطاقة لتجنب الخمول والتعب لباقي اليوم.
خيارات الوجبات
يعتمد حجم الوجبة على تفضيل المتدرب وشعوره بالجوع:
- للشخص الذي يشعر بالجوع الشديد: يفضل تناول وجبة متكاملة بسعرات متوسطة تحتوي على الكربوهيدرات والبروتين والدهون.
- أمثلة: أرز ودجاج مع زيت زيتون وسلطة، أو شوفان مع حليب وبروتين.
- للشخص الذي يفضل الخفة (أو يتمرن قبل النوم): يمكن الاكتفاء بوجبة خفيفة مكونة من مصدر بروتين وكربوهيدرات سريعة، مثل سكوب بروتين وحبة فاكهة، خاصة إذا كان موعد النوم قريباً.
توقيت الوجبة
من الخرافات الشائعة ضرورة الأكل فوراً بعد التمرين. الحقيقة أنه ليس شرطاً تناول الطعام مباشرة؛ يمكن الانتظار ساعة أو ساعتين، والأهم هو تناول الطعام عند الشعور بالجوع والاستماع لإشارات الجسم.
أشهر 5 أخطاء في التغذية حول التمرين
لضمان الاستفادة القصوى، يجب تجنب الأخطاء التالية التي يقع فيها الكثير من المتدربين:
- المبالغة في وجبة ما قبل التمرين: تناول وجبة دسمة وثقيلة جداً قبل التمرين مباشرة يؤدي لسوء الهضم وثقل الحركة، مما يفسد الأداء الرياضي.
- التباعد الزمني الكبير: تناول وجبة قبل التمرين بـ 4 أو 5 ساعات يجعل الجسم يدخل التمرين وهو في حالة جوع وتعب. الحل هو وجبة متكاملة قبل ساعتين أو سناك قبل نصف ساعة.
- تأخير الأكل بسبب خرافة الهرمونات: البعض يؤخر وجبة بعد التمرين بحجة أن الأنسولين يقلل هرمون النمو. هذا غير دقيق، فالارتفاعات اللحظية للهرمونات لا تؤثر سلباً على البناء العضلي، لذا كل متى شئت.
- وجبة دسمة قبل النوم مباشرة: لمن يتمرن ليلاً، تناول وجبة كبيرة وشرب كميات كبيرة من الماء قبل النوم يسبب آلاماً في البطن واستيقاظاً متكرراً، مما يضرب جودة النوم والاستشفاء. يُنصح بتباعد التمرين عن النوم بساعتين.
- إهمال إجمالي اليوم: التركيز فقط على وجبتي التمرين وإهمال باقي اليوم خطأ فادح. الجسم يعمل بشكل تراكمي، ويجب تغطية الاحتياج الكامل من السعرات والماكروز (بروتين، دهون، كارب) طوال اليوم.
استراتيجيات التغذية: التضخيم مقابل التنشيف
هل تختلف الوجبات باختلاف الهدف؟ نعم، توجد فروقات بسيطة وتكتيكات ذكية:
في مرحلة التضخيم (زيادة الوزن)
- استغلال الجوع: بما أن الهدف هو زيادة السعرات، يُفضل زيادة كمية وجبة ما بعد التمرين، خاصة إذا كانت في منتصف اليوم، لاستغلال الشهية المفتوحة.
- السعرات السائلة: للمساعدة في إدخال سعرات عالية دون شبع مفرط، يمكن شرب مصادر كربوهيدرات سريعة (مثل العصير أو مكمل الكاربولين) أثناء التمرين.
- شيك التضخيم: قبل التمرين بساعتين، يمكن شرب خليط (حليب، زبدة فول سوداني، كورن فليكس، بروتين) للحصول على سعرات عالية بسهولة لأن الشرب لا يحفز الشبع مثل المضغ.
في مرحلة التنشيف (خسارة الدهون)
- التحكم بالسعرات: يجب تجنب شرب السعرات (مثل العصائر ومكملات الكارب) واستبدالها بالماء.
- الأطعمة عالية الحجم: استبدال المصادر الكثيفة بمصادر مشبعة وعالية الألياف والقيمة الغذائية، مثل استبدال الكورن فليكس بالشوفان، والخبز بالبطاطس أو الأرز، وزيادة السلطة والفواكه.
- المضغ: الاعتماد على مضغ الطعام بدلاً من شربه لزيادة إشارات الشبع وتقليل الجوع.
الخاتمة
تغذية ما قبل وبعد التمرين ليست لغزاً، بل هي تنظيم ذكي لنوعية وتوقيت الطعام لخدمة هدفك. سواء كنت تضخم أو تنشف، القاعدة الأساسية هي الاستماع لجسمك، تجنب التطرف في الكميات، وضمان تغطية احتياجاتك اليومية التراكمية لتحقيق أفضل بناء عضلي وأداء رياضي.
أفضل خيار هو وجبة خفيفة وسهلة الهضم تحتوي على مصدر بروتين سريع ومصدر كربوهيدرات سريع، مثل حبة فاكهة مع مكيال (سكوب) بروتين، أو حبة فاكهة مع زبادي يوناني، وذلك لتجنب آلام المعدة وتوفير طاقة سريعة.
لا، ليس شرطاً تناول الوجبة مباشرة بعد التمرين. يمكنك تناولها بعد ساعة أو حتى ساعتين، والأفضل تناولها ببساطة عندما تشعر بالجوع. الارتفاعات اللحظية للهرمونات لا تؤثر سلباً على البناء العضلي كما يشاع.
إذا كان تمرينك قريباً من وقت النوم، يُنصح بتناول وجبة خفيفة (مثل سكوب بروتين وفاكهة) وتجنب الوجبات الدسمة والكبيرة وشرب كميات كبيرة من الماء، وذلك لتجنب آلام البطن والاستيقاظ المتكرر ليلاً، مما يحافظ على جودة النوم والاستشفاء.