من 94 إلى 79 كيلو، الرحلة الكاملة للتنشيف
تُعتبر مرحلة “التنشيف” أو خسارة الدهون من أصعب المراحل التي يمر بها الرياضي، فهي تتطلب دقة والتزاماً لتحقيق هدف خسارة الدهون مع الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الكتلة العضلية. يقدم هذا المقال تجربة شخصية مفصلة للانتقال من وزن 94 كيلوجرام (بعد مرحلة تضخيم) إلى وزن 79 كيلوجرام (بنسبة دهون منخفضة)، أي خسارة 15 كيلو جراماً، خلال 18 أسبوعاً.
والأهم من ذلك، أن هذه النتيجة تحققت “بدون أداء دقيقة كارديو واحدة في الجيم”. سنستعرض بالتفصيل الركائز الأساسية لهذه الرحلة في التغذية، التمرين، بدائل الكارديو، والمكملات الغذائية، بناءً على خبرة عملية ومعرفة علمية.
التغذية
لا يمكن تحقيق أي نتيجة في خسارة الدهون بدون ضبط النظام الغذائي. التمرين لساعات لا يكفي إذا كانت التغذية عشوائية. اعتمدت هذه الخطة على استراتيجية تغذية مدروسة على عدة مراحل.
المرحلة الأولى: العجز الكبير
بدلاً من البدء بعجز بسيط في السعرات، تم تطبيق استراتيجية “هجومية” في البداية.
- الطريقة: تم تقليل السعرات الحرارية بشكل كبير، حوالي 700 سعرة حرارية تحت “سعرات المحافظة” (السعرات التي يثبت عندها الوزن).
- المدة: استمر هذا العجز الكبير لمدة 4 إلى 6 أسابيع.
- الهدف: تحقيق نزول سريع في الوزن يتراوح بين 1% إلى 2% من إجمالي وزن الجسم أسبوعياً.
- السبب: استغلال الحماس والطاقة العالية التي تكون في بداية أي نظام جديد لتحقيق نتائج سريعة وملحوظة.
- المثال العملي: بدأت الخطة بسعرات 1800 سعرة حرارية خلال شهر رمضان، وكان الوزن 94 كيلو. النتيجة كانت نزول 5.5 كيلو في أول شهر، ووصل الوزن إلى 88.5 كيلو.
تقسيم المغذيات
البروتين أولاً لضمان أن تكون الخسارة من الدهون وليس العضلات، كان التركيز الأساسي على البروتين.
- البروتين: تم تحديد كمية 180 جراماً يومياً. القاعدة العامة هي استهلاك ما بين 1.6 إلى 2.2 جرام بروتين لكل كيلوجرام من وزن الجسم (أو الوزن الصافي من الدهون إذا كانت نسبة الدهون عالية).
- الدهون: تم تحديدها عند 40 جراماً يومياً كحد أدنى للحفاظ على وظائف الجسم الهرمونية.
- الكربوهيدرات: كانت 180 جراماً (للوصول إلى 1800 سعرة).
- الأولوية: كان التركيز الأهم هو الوصول لهدف السعرات الإجمالي وهدف البروتين، مع مرونة في توزيع كميات الكربوهيدرات والدهون.
المرونة و الدايت بريك
الاستمرار على عجز كبير في السعرات له تبعات سلبية. لذلك، كانت المرونة جزءاً أساسياً من الخطة:
- السعرات الحرة: تم تخصيص 10% إلى 20% من السعرات كـ “سعرات حرة” يمكن استهلاكها من أي طعام (مثل الحلويات أو الآيس كريم). هذا يساعد على الموازنة النفسية ويقلل الشعور بالحرمان.
- الدايت بريك: بعد الشهر الأول، بدأت أعراض التعب، الشهية العالية، والعصبية في الظهور. تم تطبيق “دايت بريك” (استراحة من الدايت) لمدة يومين بالتزامن مع العيد، حيث تم رفع السعرات إلى “سعرات المحافظة” وكانت الزيادة بشكل أساسي من الكربوهيدرات.
تعديل الخطة واستمرار النزول
بعد “الدايت بريك” الأول، تم تعديل الخطة لتكون أكثر استدامة:
- رفع السعرات: تم رفع السعرات بمقدار 200 سعرة لتصبح 2000 سعرة حرارية يومياً (الزيادة من الكربوهيدرات).
- تعديل الهدف: أصبح هدف النزول الجديد 0.5% إلى 1% أسبوعياً.
- السبب: الاستمرار على عجز كبير (مثل 1800 سعرة) لفترة طويلة يؤدي إلى تعب شديد، هبوط في الأداء بالتمرين، وزيادة خطر خسارة العضلات. كما أنه يجبر الجسم على “الاعتياد” على السعرات القليلة، مما يضطرك لتقليلها أكثر لاحقاً.
- الاستمرار: تم تطبيق “دايت بريك” آخر لمدة أسبوع بعد شهر آخر من التعب. بعدها، تم الرجوع إلى 1800 سعرة في المرحلة الأخيرة حتى الوصول للوزن المستهدف (79.5 كيلو) بعد 18 أسبوعاً.
التمرين (الحفاظ على الكتلة العضلية)
الهدف من التمرين في مرحلة التنشيف ليس “حرق السعرات” بل “إرسال إشارة للجسم للحفاظ على العضلات” التي تم بناؤها في مرحلة التضخيم. إهمال التمرين يعني خسارة كل هذه العضلات.
برنامج التمرين: الثبات على 4 أيام
- تم الاعتماد على جدول تمرين 4 أيام أسبوعياً بنظام (دفع، سحب، راحة، أرجل، علوي، راحة، راحة).
- تم تمرين الأرجل مرة واحدة أسبوعياً (تفضيل شخصي نظراً لتطورها المناسب).
تتبع الأداء: مفتاح الحفاظ على العضلات
- الأهم: تم “تسجيل الأوزان والعدات” في كل تمرين.
- الهدف: في البداية كان الهدف هو محاولة التطور (زيادة وزن أو عدة). ومع استمرار العجز، أصبح الهدف الأساسي هو “المحافظة على الأوزان” قدر الإمكان وعدم السماح لها بالانخفاض، كدليل على عدم خسارة العضلات.
- الثبات: تم الحفاظ على أغلب التمارين كما هي دون تغيير للحفاظ على القوة المكتسبة فيها.
استراتيجيات دعم الأداء (النوم والوجبات)
للمساعدة في الحفاظ على الأداء العالي في الجيم رغم العجز في السعرات:
- أوقات الراحة: تم زيادة وقت الراحة قليلاً بين الجولات.
- وجبة قبل التمرين: الاهتمام بوجبة قبل التمرين تحتوي على بروتين وكربوهيدرات معقدة (مثل الدجاج والأرز) لإعطاء طاقة ومنع الجوع.
- النوم: الاهتمام الشديد بالنوم من 7 إلى 9 ساعات يومياً، لدوره الحاسم في الاستشفاء، تقليل التعب، وضبط الشهية.
شدة التمرين: اللعب حتى الفشل العضلي
- لإجبار العضلات على البقاء، كان التمرين “قريباً جداً للفشل العضلي” في كل الجولات.
- في “آخر جولة” من أغلب التمارين، كان يتم الوصول إلى “الفشل العضلي الفعلي”.
- النصيحة: يجب أن يكون تمرينك صعباً وقريباً من الفشل العضلي للحفاظ على العضلات.
خدعة بدون كارديو(سر الـ 10,000 خطوة)
لماذا تم تجنب الكارديو التقليدي؟
تم تحقيق خسارة الـ 15 كيلو بدون “كارديو الجيم” التقليدي (مثل الجري على جهاز المشي أو ركوب الدراجة). السبب كان “الشعور بالملل” من هذا النوع من التمارين وعدم وجود وقت كافٍ له.
البديل الفعال: النشاط غير الرياضي
- تم استبدال الكارديو التقليدي بزيادة “النشاط غير الرياضي” أو (NEAT)، وهو كل حركة يقوم بها الجسم خارج وقت التمرين.
- الخطة: بدأت الخطة بـ 8,000 خطوة يومياً بالمعدل، وبعد شهرين تم رفعها إلى 10,000 خطوة يومياً.
- الفائدة: زيادة الخطوات ترفع حرق السعرات الحرارية اليومية، وهذا يعني عدم الاضطرار إلى تقليل سعرات الطعام بشكل مبالغ فيه. هذه الاستراتيجية جعلت النظام مستداماً.
كيف تزيد خطواتك اليومية بسهولة؟
زيادة الخطوات لا تتطلب تخصيص وقت، بل تتم من خلال دمج الحركة في اليوم:
- الذهاب للمشاوير القصيرة مشياً بدلاً من السيارة.
- المشي اليومي في المنطقة السكنية.
- الحركة والمشي في أوقات الراحة بين المجموعات في الجيم.
المكملات الغذائية
المكملات ليست أساسية، ولكنها كانت عاملاً مساعداً في هذه الرحلة.
المكملات الأساسية
- مكمل البروتين (Whey Concentrate): للمساعدة في إكمال الاحتياج اليومي من البروتين (180 جرام). تم اختيار نوع الـ Concentrate لأنه أثقل قليلاً ويساعد على الشبع أكثر من الـ Isolate.
- الكرياتين: 5 جرام يومياً، لدوره المثبت في تحسين الأداء وزيادة القوة، وهو أمر حيوي للحفاظ على الأوزان في فترة التنشيف.
مكملات دعم الصحة
- فيتامين دال: لفوائده في دعم التستوستيرون، البناء العضلي، وتحسين المزاج.
- المغنيسيوم (Glycinate): لتحسين جودة النوم وتقليل التوتر.
- الزنك (Picolonate): لدعم التستوستيرون، المناعة، وتقليل التوتر.
- الأشواجندا: لتقليل التوتر، تحسين النوم، ودعم التستوستيرون.
- الأوميجا 3: لمكافحة الالتهابات، دعم الذاكرة ووظائف المخ.
تنبيه: المكملات ليست هي الأساس
يجب التنويه أن هذه المكملات “ليست شرطاً”، ويمكن اختيار ما يناسب الميزانية. الأساس دائماً هو “ضبط التغذية، التمرين، والنوم”، وبدونها لن تفيد المكملات.
ملاحظات هامة
هذه التجربة هي للاستدلال وليست للتقليد الأعمى.
هذه تجربة شخصية وليست قاعدة إلزامية
- البدء بعجز سعرات كبير (700 سعرة) هو “تفضيل شخصي” لاستغلال الحماس. يمكن تماماً البدء بعجز معتدل (يؤدي لنزول 0.5% – 1% أسبوعياً) من البداية.
- “الدايت بريك” أيضاً “تفضيل شخصي” واستجابة لإشارات الجسم. بعض المتدربين قد يستمرون أشهراً بدونه. هو ليس شرطاً.
تحذير: لا تنسخ الأرقام والجدول
- تمت مشاركة الأرقام (1800 سعرة، 180 جرام بروتين) وجدول التمرين والمكملات “لإعطاء التجربة كاملة” وليس ليتم نسخها.
- احتياجات كل شخص من السعرات، والمغذيات، وجدول التمرين تختلف تماماً بناءً على وزنه، طوله، عمره، ونمط حياته.
الاستمرارية تتفوق على الكمال
- لم تكن الرحلة مثالية 100%. حدثت أيام لم يتم فيها الالتزام، وأيام تم فيها أخذ وجبات مفتوحة بسبب التعب.
- الحل كان بسيطاً: “الرجوع والالتزام في اليوم التالي”. الأهم هو الاستمرار وعدم السماح لخطأ واحد بتدمير الخطة كاملة.
الخلاصة: المبادئ الأربعة لرحلة التنشيف الناجحة
لخصت هذه التجربة المبادئ الأساسية لنجاح أي مرحلة تنشيف:
- عجز السعرات: هو الأساس (سواء كان كبيراً أو معتدلاً).
- البروتين الكافي: لا يقل عن 1.6 جرام/كيلو للحفاظ على العضلات.
- التمرين الشاق: تدريب المقاومة القريب من الفشل العضلي إلزامي.
- الحركة (NEAT): الخطوات اليومية (مثل 8-10 آلاف خطوة) هي بديل ممتاز ومستدام للكارديو التقليدي.
لا. هذا الرقم كان مثالاً شخصياً بناءً على وزن 94 كيلو ونسبة دهون معينة. يجب عليك عدم نسخ هذا الرقم. احتياجك من السعرات مختلف تماماً. يجب عليك استخدام حاسبة سعرات (مثل حاسبة الأكاديمية العربية للتغذية الرياضية) لتقدير سعرات المحافظة الخاصة بك، ثم تقليل 300-700 سعرة منها كنقطة بداية.
الدايت بريك(وهو رفع السعرات مؤقتاً إلى سعرات المحافظة) هو تفضيل شخصي وأداة تُستخدم عند الشعور بالتعب الشديد والشهية العالية
. هو ليس شرطاً إلزامياً للنجاح، وبعض الأشخاص يستمرون في العجز لأشهر بدونه.
المصطلح هنا يعني “بدون كارديو الجيم التقليدي” (مثل الجري على جهاز المشي). تم استبدال هذا الكارديو بزيادة “النشاط غير الرياضي” (NEAT)، وتحديداً عن طريق الالتزام بهدف خطوات يومي عالي (8,000 إلى 10,000 خطوة). هذا النشاط يحرق سعرات حرارية عالية دون الشعور بالملل، ويجعل النظام الغذائي أكثر استدامة.