أيهما الأفضل لبناء العضلات؟ المدى الحركي الكامل مقابل العدات الجزئية

هذه المقالة تحتوي على:

فك لغز المدى الحركي في تمارين المقاومة

في عالم كمال الأجسام ورفع الأثقال، يدور جدل لا ينتهي حول الطريقة المثلى لأداء التمارين لتحقيق أقصى قدر من البناء العضلي. ينقسم هذا الجدل غالباً إلى مدرستين فكريتين: مدرسة “المدى الحركي الكامل” ، ومدرسة “العدّات الجزئية” أو “النص عدة” .

المدى الحركي الكامل، كما يوحي الاسم، يعني تحريك الوزن عبر أقصى مسافة ممكنة يسمح بها المفصل بأمان، من وضع الاستطالة الكاملة للعضلة إلى وضع الانقباض الكامل. أما العدّات الجزئية، فهي تعني أداء التمرين في جزء فقط من هذا المدى، وغالباً ما يكون في النصف العلوي من الحركة.

يصر مؤيدو العدّات الجزئية، وغالباً ما يستندون إلى الخبرة الشخصية ومشاهداتهم للاعبين المحترفين، على أن طريقتهم هي الأسرع لبناء القوة والحجم . في المقابل، يقدم مؤيدو المدى الحركي الكامل، المسلحون بالدراسات العلمية الحديثة، حجة مضادة قوية تؤكد أن إكمال الحركة من البداية إلى النهاية هو المفتاح الحقيقي لتفعيل الألياف العضلية وتحفيز النمو .

في هذا المقال، سنقوم بتحليل شامل وموضوعي، مستندين إلى الحجج والأدلة العلمية المطروحة في الاسكربت المقدم، لنفصل في هذا الجدال ونحدد بشكل قاطع أي الأسلوبين هو الأفضل لتحقيق هدفك الأساسي: البناء العضلي.

تحليل ادعاءات مؤيدي العدات الجزئية (النص عدة)

تعتمد حجة مدرسة “النص عدة” على أربع ركائز أساسية تبدو منطقية للوهلة الأولى، وهي غالباً ما تُكتسب من الخبرة العملية في صالة الألعاب الرياضية . دعنا نستعرضها بالتفصيل:

القدرة على حمل أوزان أثقل

الادعاء الأكثر شيوعاً هو أن العدّات الجزئية تسمح للمتمرن برفع أوزان أثقل بكثير مما يستطيع رفعه بالمدى الحركي الكامل . المنطق هنا هو أنك تتجنب “نقطة الضعف” في الحركة (عادةً في وضع الاستطالة الكاملة). يعتقد المؤيدون أن هذا الحمل الزائد على العضلة هو المحفز الأهم للنمو، وبالتالي، فإن الوزن الأثقل يعني بناءً عضلياً أكبر .

التوتر المستمر على العضلة

الحجة الثانية هي أن أداء العدّات الجزئية، خاصة في الجزء العلوي من الحركة، يمنع العضلة من “الراحة” في نهاية العدة (مثل فرد المرفق بالكامل في تمرين البنش بريس). هذا، كما يُزعم، يُبقي العضلة تحت ضغط وتوتر مستمر طوال الجولة ، وهو ما يُعتقد أنه عامل حاسم في تحفيز النمو العضلي.

الأمان وتقليل خطر الإصابات

يعتقد البعض أن العدّات الجزئية أكثر أماناً، خاصة في التمارين المركبة مثل السكوات أو البنش بريس . حجتهم هي أن تجنب النزول الكامل أو المدى الحركي الأقصى يقلل من الضغط على المفاصل (مثل الركبتين أو الكتفين) في أضعف نقاطها، مما يقلل من خطر الإصابة .

تقليد اللاعبين المحترفين

أخيراً، يستمد هذا النهج الكثير من شرعيته من مشاهدة العديد من لاعبي كمال الأجسام المحترفين وهم يؤدون التمارين بعدّات جزئية في فيديوهاتهم التدريبية . المنطق البسيط هو: “إذا كان المحترفون، أصحاب الكتل العضلية الهائلة، يفعلون ذلك، فلا بد أنه الأسلوب الصحيح” .

الرد العلمي وتفوق المدى الحركي الكامل

تقوم المدرسة الحديثة، المعتمدة على الأدلة، بتفنيد هذه الادعاءات واحدة تلو الأخرى، ليس فقط بالرأي، بل بالاستناد إلى المبادئ الفسيولوجية والدراسات العلمية .

تفنيد خرافة الوزن الأثقل: مفهوم الحجم التدريبي

صحيح أنك ترفع وزناً أثقل في العدّة الجزئية ، لكن هل هذا يعني تحفيزاً أكبر؟ العلم يقول لا. المحفز الأكبر للبناء العضلي هو “الحجم التدريبي” .

يُعرّف الحجم التدريبي بالمعادلة التالية: الوزن × العدات × المجموعات × المسافة (المدى الحركي) .

عندما تلعب “نص عدة”، فإنك تقطع “المسافة” في هذه المعادلة إلى النصف تقريباً . لذلك، حتى لو زدت الوزن بنسبة 20-30%، فإن الانخفاض بنسبة 50% في المسافة يؤدي إلى انخفاض صافٍ في الحجم التدريبي الإجمالي .

هذا ما يطلق عليه “التطور الكاذب” ؛ أرقامك على البار تزداد، لكن الحجم التدريبي الفعلي (العمل الميكانيكي الذي تقوم به العضلة) يتناقص، مما يؤدي إلى نتائج بناء عضلي أقل، وليس أكثر.

تفنيد التوتر المستمر: أهمية الاستطالة العضلية

نعم، العدّة الجزئية تبقي العضلة تحت ضغط ، لكن السؤال الأهم هو: في أي جزء من الحركة؟

أغلب من يلعبون العدّات الجزئية ينفذونها في وضع “الانقباض” (الجزء العلوي من الحركة)، متجنبين وضع “الاستطالة” (الجزء السفلي) . وهنا تكمن المشكلة الكبرى.

تشير أغلب الدراسات الحديثة، بما في ذلك مراجعة منهجية هامة نشرت عام 2023 ، إلى أن وضعية الاستطالة هي الجزء الأهم في الحركة لتحفيز البناء العضلي . التمدد الكامل للعضلة تحت حمل (مثل النزول بالبار إلى الصدر في البنش بريس) يرسل أقوى إشارات النمو.

العدّات الجزئية التي تتجنب هذا الجزء، تفوّت على نفسها أهم محفز للنمو. ومن المثير للاهتمام، أن بعض الدراسات التي وجدت فائدة للعدّات الجزئية، كانت فقط عندما تم أداؤها في وضع الاستطالة الكاملة، وليس الانقباض .

تفنيد الأمان: العدة الكاملة هي الخيار الآمن

على عكس الاعتقاد الشائع، فإن المدى الحركي الكامل هو في الواقع أكثر أماناً من العدّات الجزئية .

السبب؟ لأن العدة الكاملة تجبرك على استخدام أوزان يمكنك التحكم بها . عندما ترفع وزناً ثقيلاً جداً بمدى جزئي، فإنك تضع ضغطاً هائلاً على الأوتار والمفاصل في مدى حركي ضيق جداً.

في المقابل، اللعب بمدى حركي كامل وبوزن مناسب، مع التركيز على الأداء الصحيح، لا يقلل من فرصة الإصابة فحسب، بل يقوي المفاصل والأوتار عبر نطاق حركتها بالكامل، مما يجعلك أكثر مرونة وقوة على المدى الطويل .

اقرا المزيد

تفنيد المحترفين: الفروقات الجينية ومحسنات الأداء

الاعتماد على ما يفعله المحترفون هو حجة ضعيفة لسببين:

  • الانتقائية: نعم، بعض المحترفين يلعبون عدّات جزئية ، لكن في المقابل، هناك عدد هائل من المحترفين الأبطال، مثل كريس بومستيد ونيك ووكر وأرنولد شوارزنيجر، يعتمدون المدى الحركي الكامل كقاعدة أساسية في تمارينهم .
  • العوامل الخارجية: لا يمكن مقارنة المتمرن الطبيعي باللاعبين المحترفين. المحترفون يمتلكون جينات استثنائية، والأهم من ذلك، أن أغلبهم يستخدمون محسنات أداء (PEDs) . هذه المواد تغير استجابة الجسم للتدريب بشكل جذري، وتسمح لهم بالنمو حتى مع أساليب تدريب قد لا تكون مثالية للمتمرن الطبيعي .

الأدلة العلمية الحاسمة (دراسات ومراجعات)

لتأكيد هذه النقاط، دعنا نلقي نظرة على الأدلة العلمية المباشرة التي تمت الإشارة إليها في الاسكربت:

  • دراسة السكوات (2013): في دراسة أجريت عام 2013 على 17 مشاركاً، تم تقسيمهم إلى مجموعتين :
    • المجموعة الأولى: لعبت تمرين السكوات بوزن أثقل وعدّات جزئية .
    • المجموعة الثانية: لعبت سكوات بوزن أقل ولكن بمدى حركي كامل .
    • النتيجة: المجموعة التي لعبت بمدى حركي كامل حققت بناءً عضلياً أفضل بشكل ملحوظ .
  • مراجعة منهجية (2020): قامت مراجعة علمية في عام 2020 بتحليل نتائج 6 دراسات قارنت بين المدى الحركي الكامل والجزئي :
    • 4 دراسات وجدت أن المدى الحركي الكامل أفضل للبناء العضلي .
    • دراسة واحدة لم تجد فرقاً .
    • دراسة واحدة وجدت أن العدّة الجزئية أفضل، ولكن فقط عندما تم أداؤها في وضع الاستطالة، مما يدعم النقطة التي ذكرناها سابقاً .
  • رأي الخبراء (Dr. Mike Israetel): يذكر الدكتور مايك إزراتيل، وهو مرجع علمي بارز في مجال البناء العضلي، في كتابه الشهير “المبادئ العلمية لتدريب البناء العضلي” ، أن المدى الحركي الكامل يساعد على وضع العضلة تحت ضغط لفترة أطول (عبر مسافة أكبر) وتفعيل عدد أكبر من الألياف العضلية، مما يؤدي إلى بناء عضلي متفوق .

الخاتمة: الحكم النهائي للبناء العضلي

بناءً على الأدلة العلمية القاطعة والحجج الفسيولوجية المقدمة، فإن الحكم واضح: المدى الحركي الكامل (العدة الكاملة) يتفوق بشكل كبير على العدّات الجزئية (النص عدة) كاستراتيجية أساسية لتحقيق أقصى قدر من البناء العضلي .

في حين أن العدّات الجزئية تسمح لك برفع أوزان أثقل ، فإن هذا “التطور” غالباً ما يكون كاذباً لأنه يفشل في تحسين “الحجم التدريبي” الإجمالي بسبب المسافة المقطوعة القصيرة . والأهم من ذلك، أنه يفشل في استهداف الجزء الأكثر أهمية في الحركة، وهو “وضعية الاستطالة” .

لذلك، إذا كان هدفك هو البناء العضلي، ركز على إتقان الأداء بمدى حركي كامل، واختر وزناً يمكنك التحكم به عبر هذا المدى بالكامل، وقم بزيادة هذا الوزن تدريجياً. هذا هو الطريق الأكثر أماناً والأكثر فعالية للوصول إلى أهدافك.


المصادر

مقالات ذات صله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *