هل يمكن بناء العضلات وخسارة الدهون معا؟
يُعتبر عالم اللياقة البدنية مليئاً بالجدل، ولعل أبرز نقطة جدلية هي إمكانية “بناء العضلات وخسارة الدهون في نفس الوقت” ، وهو ما يُعرف علمياً بـ “إعادة تكوين الجسم”.
المعضلة التي يسمعها الجميع واضحة:
- لبناء العضلات: أنت بحاجة إلى “فائض” في السعرات الحرارية (أن تأكل أكثر من احتياجك).
- لخسارة الدهون: أنت بحاجة إلى “عجز” في السعرات الحرارية (أن تأكل أقل من احتياجك).
من هذا المنطلق، يبدو أن تحقيق الهدفين “مستحيل” لأنهما يتطلبان عكس بعضهما تماماً. لكن الحقيقة هي أن الدراسات العلمية أثبتت أن “إعادة تكوين الجسم” ليست مستحيلة، بل هي ممكنة جداً لبعض الفئات المحددة.
في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل من هي الفئات الـ 5 المحظوظة التي يمكنها تحقيق هذا الهدف، وما هي الـ 6 خطوات العملية والعلمية التي يجب تطبيقها للوصول إلى هذا التحول.
من هي الفئات الـ 5 التي يمكنها تحقيق إعادة تكوين الجسم؟
هل أنت واحد من هؤلاء؟ إذا كانت إحدى هذه الحالات تنطبق عليك، فأنت مرشح مثالي لبناء العضلات وحرق الدهون في وقت واحد.
المبتدئ
الشخص المبتدئ هو المرشح الأول والأكثر شيوعاً. إذا كنت قد بدأت للتو في تمارين المقاومة، ولديك نسبة دهون متوسطة وكتلة عضلية صغيرة، فإن جسمك يكون في أفضل حالاته للاستجابة. السبب هو أن جسمك “يقدر يستخدم السعرات المخزنة في الدهون لتغذية العضلات والمساعدة في بنائها”. التحفيز الجديد من التمرين كافٍ لإعطاء إشارة بناء، والطاقة من الدهون كافية لتمويل هذا البناء.
الشخص ذو النسبة العالية من الدهون
إذا كانت نسبة دهونك عالية، فإن جسمك يمتلك “كمية كبيرة من الطاقة المخزنة”. هذا يعني أنه حتى عندما تكون في “عجز في السعرات الحرارية” (تأكل القليل)، فإن جسمك لديه مخزون هائل من الطاقة (الدهون) يمكنه سحبه بسهولة “ليغذي العضلات ويبنيها”.
المتدرب العشوائي
هذه الفئة تمثل “كثييير من المتدربين” في صالات الجيم. هو الشخص الذي “يتمرن من عدة سنوات” لكنه “يمشي بعشوائية”. خصائص هذا المتدرب تشمل:
- لا يحسب سعراته الحرارية.
- لا يتمرن بشدة أو “قريب من الفشل العضلي”.
- لا يطبق مبدأ الزيادة التدريجية (لا يتطور بالأوزان أو العدات).
- يتمرن أسبوعين ويقطع أسبوع، ثم يعود، وهكذا. هؤلاء الأشخاص، رغم “خبرتهم” الزمنية، إلا أن كتلتهم العضلية لا تزال “صغيرة لمتوسطة” بسبب هذه العشوائية. بمجرد أن يبدأ هذا الشخص في تطبيق الأساسيات الصحيحة (التي سنذكرها)، فإنه سيشهد بناءً عضلياً وخسارة دهون في نفس الوقت.
العائدون للتمرين
الشخص الذي كان يتمرن بجدية في الماضي، ووصل لمستوى جيد، ثم “ترك التمرين بسبب إصابة أو أي شيء ثاني”. عند عودته، فإنه يعتبر “كأنه مبتدئ” من جديد، ولكنه يمتلك ميزة “الذاكرة العضلية” (Muscle Memory). هذه الميزة تجعله يستعيد العضلات التي خسرها بسرعة هائلة، وغالباً ما يحدث هذا بالتزامن مع خسارة الدهون التي تراكمت خلال فترة الانقطاع.
مستخدمو محسنات الأداء
هذه الفئة، بسبب استخدامها لمواد خارجية، تكون لديها “قدرة أسرع على بناء العضلات”. أجسامهم تكون في حالة بنائية قوية تسمح باستخدام “السعرات المخزنة في الدهون لتغذية العضلات” بكفاءة أعلى من الشخص الطبيعي.
خطوات عملية لبناء العضلات وخسارة الدهون
إذا كنت واحداً من الفئات الخمس السابقة، فهذه هي الخطة المكونة من 6 خطوات علمية وعملية لتحقيق هدفك:
تمارين المقاومة
هذه هي الخطوة الأهم على الإطلاق. لكن ليس أي تمرين مقاومة، بل تمرين منظم وفعال. الذهاب إلى الجيم وحمل “أوزان خفيفة بعدات عالية” بهدف “خسارة الوزن” هو خطأ شائع ولن يؤدي لبناء العضلات. لنجاح إعادة تكوين الجسم، يجب أن يكون تمرينك:
- بشدة عالية: يجب أن يكون التمرين “صعب وقريب للفشل العضلي”.
- بتطور مستمر: يجب تطبيق “الزيادة التدريجية” (Progressive Overload)، أي “التطور بالأوزان أو العدات بين الأسابيع”. لا يجب أن تبقى على نفس الوزن (مثل 4 كيلو) لمدة سنة.
- بأداء صحيح: اللعب “بمدى حركي كامل وبتحكم”.
- بتكرار كافٍ: “الأحسن تمرن العضلة أكثر من مرة بالأسبوع”.
- باستمرارية: يجب أن يكون التمرين “بإستمرار”، وليس شهراً ونقطع شهرين.
النوم الكافي
الخطوة الثانية التي يستهين بها الكثيرون هي النوم. “قلة النوم رح تقلل من إستشفائك”. عندما لا تنام كفاية، يزداد شعورك “بالجوع والتعب والخمول والعصبية”، وهذا يجعل “تمرينك أسوء”، وبالتالي “صعب تبني العضلات”. النصيحة واضحة: “نام يوميًا ما بين 7 لـ 9 ساعات”.
تحديد السعرات والمغذيات
هنا يأتي التطبيق العملي للمعضلة. الرأي الأرجح لنجاح “إعادة التكوين” هو “المشي على سعرات تنشيف”، أي “توكل أقل من إحتياجك بما بين 300-500 سعرة”. التركيز يكون على خسارة الدهون، “وبما أنك رح تتمرن بشكل صحيح” (الخطوة 1) و “توصل لإحتياجك من البروتين”، فإنك “رح تبني العضلات أيضاً”.
- السعرات: استخدم حاسبة سعرات (مثل “حاسبة السعرات الحرارية للأكاديمية العربية للتغذية الرياضية”) لتقدير احتياجك، ثم اطرح 300-500 سعرة.
- البروتين: هذا هو العنصر الأهم. استهدف “1.6 إلى 2.2 جرام لكل كيلو جرام من وزن جسمك بدون دهون”. يُنصح بالبقاء على “الحد الأقصى وهو 2.2”. لماذا؟ لأن البروتين هو “أكثر عنصر يحسسك بالشبع”، وهو “مهم لبناء العضلات”، و “يحتاج الجسم سعرات حرارية أعلى عشان يهضمه” (أعلى تأثير حراري TEF).
- الدهون: يجب ألا تقل عن “20% من سعراتك” للحفاظ على صحة الهرمونات.
- الكربوهيدرات: “باقي السعرات تكون من الكربوهيدرات”.
تقسيم وجبات البروتين
لا يكفي أن تتناول البروتين المطلوب فقط، بل يجب توزيعه بذكاء.
- الهدف: الاستفادة القصوى من “التخليق العضلي البروتيني” (Muscle Protein Synthesis)، أي قدرة العضلات على الاستفادة من البروتين لعملية البناء.
- الطريقة: “تقسيم كمية البروتين ما بين 3 وجبات إلى 6 وجبات” يومياً (بحد أدنى 3 وجبات).
- لماذا؟ ليس لأن الجسم لا يمتص البروتين في وجبة واحدة، بل لأن “في حد للكمية اللي يستعملها الجسم للبناء العضلي” في الجلسة الواحدة. إذا تناولت 100 جرام بروتين في وجبة، قد يستخدم الجسم 40 جراماً منها للبناء، والباقي “يستعمله الجسم على أشياء ثانية”.
- التوقيت: حاول ترك “3-4 ساعات بين كل وجبة والثانية”.
زيادة النشاط اليومي
الخطوة الخامسة هي زيادة حرقك للسعرات من خارج الجيم.
- الطريقة: “زيادة نشاطك خلال اليوم” أو ما يعرف بـ NEAT.
- التطبيق: “احسب خطواتك اليومية وتحاول توصل ما بين 6000 ل 8000 خطوة يوميًا”.
- الفائدة: هذا “رح يساعدك تحرق سعرات حرارية أعلى” دون الشعور بالإرهاق، ويسمح لك “تأكل كمية أكبر” قليلاً وتظل في عجز.
- اختياري: يمكنك إضافة “كارديو” لتحسين اللياقة والصحة العامة.
مراقبة التطور
هذه الخطوة حاسمة لتعرف أنك على الطريق الصحيح. “إعادة تكوين الجسم” قد تكون خادعة على الميزان.
- الميزان: “خذ وزنك بشكل يومي”، وفي نهاية الأسبوع “احسب معدل وزنك الأسبوعي” وقارنه بالأسبوع الماضي. هذا أدق من الوزن ليوم واحد.
- القياسات: “قيس حالك بالقياسات المترية كل أسبوع إلى أسبوعين” (مثل الخصر، الذراعين، الصدر).
- الصور: “تصور شهريًا” في نفس الإضاءة والزاوية “وقارن الصور بالشهر اللي قبل”.
“كل هاي البيانات هدفها إنها تساعدك تتأكد إنك ماشي بالطريق الصحيح”. وتذكر، في هذه الفترة “لازم تراقب شكل جسمك أيضًا ومش بس الميزان”، لأنك قد تكتسب وزناً عضلياً وتخسر وزناً دهنياً، فيبقى الميزان ثابتاً بينما شكلك يتغير للأفضل.
الخلاصة: الصبر وتطبيق الأساسيات
نعم، بناء العضلات وخسارة الدهون في نفس الوقت هو أمر ممكن وحقيقي، ولكنه يتطلب أن تكون ضمن إحدى الفئات المحددة (مبتدئ، عائد، سمين، عشوائي). إذا كنت كذلك، فإن تطبيق هذه الخطوات الست بجدية – خصوصاً التمرين بشدة وعجز السعرات مع بروتين كافٍ – سيقودك حتماً إلى نتائج لم تكن تظنها ممكنة. المفتاح هو الصبر، الاستمرارية، وتتبع بياناتك.
نعم، بشرط أن تكون “متدرباً عشوائياً”. إذا كانت سنوات تمرينك تفتقر للأساسيات (مثل عدم حساب السعرات، عدم التمرين قرب الفشل العضلي، عدم تطبيق الزيادة التدريجية، أو الانقطاع المستمر)، فإنك تقع ضمن الفئة الثالثة. بمجرد تطبيقك للخطوات الست المذكورة بجدية، سيبدأ جسمك في عملية إعادة تكوين الجسم وكأنك مبتدئ.
أهم خطوة هي ضمان “كمية بروتين كافية”. يُنصح باستهداف الحد الأقصى (2.2 جرام لكل كيلو من وزن الجسم الصافي). هذا البروتين العالي يحمي العضلات من الهدم أثناء عجز السعرات، ويوفر المواد الخام لبنائها، كما يزيد من الشبع ويحرق سعرات أعلى أثناء الهضم.
الخطة الموصى بها هي أن تأكل “أقل” من احتياجك، أي الدخول في “عجز سعرات” (تنشيف) يتراوح بين 300 إلى 500 سعرة حرارية
. يتم التركيز على خسارة الدهون، وبما أنك من الفئات المؤهلة (مثل مبتدئ أو سمين)، سيقوم جسمك باستخدام الطاقة من “الدهون المخزنة” لتمويل عملية “بناء العضلات” التي يتم تحفيزها عن طريق تمارين المقاومة والبروتين العالي.